لقد رأينا أن مفهوم الدين في اليابان يختلف عن مفهومنا نحن , فالدين بالنسبة لهم فلسفة وفن أو قصص من أساطير الأولين , قد يشبه مفهومنا للموسيقى الكلاسيكية أو لتذوقنا للشعر الفرنسي , فالمدارس اليابانية يمنع فيها تدريس الديانات من جهة , ومن جهة أخرى ووفقاً للدستور فإن حرية الأديان في اليابان مكفولة للجميع , حيث تنص المادة عشرين أنه لا ينبغي أن تحصل أية هيئة دينية على أية إمتيازات من الدولة , أو تمارس أي سلطة سياسية , ولن يرغم أي شخص على المشاركة في أي عمل ديني أو إحتفال أو طقوس أو ممارسات عقائدية ويحظر على الدولة وأجهزتها ممارسة التربية العقائدية أو أي نشاط ديني آخر
والديانة السائدة في اليابان يفترض أن تكون " البوذية " , التي يبلغ المنتمين إليها حوالي 90 مليون نسمة , والمسيحية حوالي المليون , وبين الديانات الأخرى يبلغ الإسلام في اليابان ( حسب توقعات المركز الإسلامي في اليابان ) حوالي 255 ألف مسلم ومسلمة بينهم 50 ألف ياباني ويابانية
أما الدين الفطري في اليابان فهو الشنتو , والتي يرجع جذوره إلى المعتقدات الروحانية لليابانيين القدماء , وقد تطورت الشنتوية إلى مجموعة لها مزارات محلية للاسر , وآلهة محلية , بتأليه معتقديها للأبطال والزعماء البارزين في مناطقهم , ويقدسون كذلك أرواح أسلاف عائلاتهم , وفي النهاية , أصبحت خرافة ( الأصل الإلهي للأسرة الإمبراطورية ) إحدى المعتقدات الأساسية للشنتو
الديانة الكونفوشيسية والتي يعتبرها اليابانيون على أنها مجموعة قواعد للسلوك الأخلاقي , وكانت للكونفوشيسية , التي دخلت لليابان في أوائل القرن السادس , تأثيراً كبيراً على الفكر والسلوك الياباني , ولكن نفوذها اخذ يتناقص منذ الحرب العالمية الثانية
وما نود أن يعرفه الجميع أن الياباني لا يوجد عنده مانع أن يخلط بين الأديان خصوصاً الأديان غير السماوية و فالبوذية والشنتوية والكنفوشيسية تتداخل أحياناً كثيرة في عقول الشعب فتجد الياباني يمارس طقوس الشنتو عند الزواج , والمفاهيم الكونفوشيسية في شركته وحياته اليومية , وطقوس الجنازات البوذية عند الممات , كذلك هناك ديانات عديدة أخرى متفرعة من الديانات السابقة أو مزيج منها
___________________________________________________
الفنون الأدبية
إن اليابان ليست كما يظن الجميع , عبارة عن عالم الإلكترونيات والصناعة الحديثة فقط . فالثقافة اليابانية وما شابهها من الفنون التقليدية والتي لا يصلنا منها شيء , هي كثيرة كثرة عدد آلهتهم ( يقال مجازاً في اليابان أن هناك مليون آله ) , وهي أي الفنون اليابانية ذا مغازي روحية عميقة بالنسبة لهم , لأنها عبارة عن مزيج ثقافي متعدد سببته المزيج الفكري للديانة البوذية والشنتوية الكونفوشيسية التي دخلت على اليابان ( ما عدا الشنتوية ) من الهند والنيبال مروراً بالصين وكوريا
وتتجسد أعمق هذه المعاني في الفنون التالية التي نذكرها بإختصار : - فنون تصميم الحدائق اليابانية – فن تنسيق الزهور – طقوس شرب الشاي الأخضر – المسرح الياباني – التندر والتنكيت الفردي على المسرح – الرسومات والفنون الجميلة – الفخاريات – الشعر – الفنون الرياضية مثل الجودو والكاراتية ومصارعة السومو إلخ
وفي الحقيقة حتى الصناعات الحديثة الثقيلة منها والخفيفة , إن دققت النظر فيها أو كنت متخصصاً بها , ستجد في مكان ما منها , هذه الروح الفنية التي تحدثنا عنها , متجسدة بالدقة والجودة والأمانة وروعة جمال التصميم , أضف على ذلك النجاح العالمي لمصممي الأزياء من الأصل الياباني , ومصممي الديكور , ومغني الروك والبوب وحتى العازفيين على الأدوات الكلاسيكية عالمياً